بقلم الدكتورة تغريد زهدي محمد مؤسس ورئيس مجلس إدارة مركز أفق السلام الدولي
هُناكَ تأثيرٌ بارِز للشّعِر فِي الحَياةِ الأدبيّة والفِكريّة والسياسيّة، والشّعرُ العربي يَتَطَوّر بتطوّرِ الشعوبِ العربيّة والإسلاميّة وبحسَبِ علاقاتِها مَع الشّعوبِ الأخرى
منذ أن نزل الإسلام رفع الأدباء المسلمون راية السلم، ونادوا بأصواتهم المدوية المتحاربين إلى طرح السلاح، واللجوء إلى التحاور والتفاوض، وكيف لا يكونون كذلك والقرآن الكريم قد دعا إلى السلم ونبذ الحرب.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حمل علينا السلاح فليس منا” رواه البخاري، ومن صور الدعوة إلى السلم في الأدب الإسلامي مدح الرسول صلى الله عليه وسلم لاعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء داعية إلى السلام العالمي، والحرية والتعايش بين مختلف الأديان والأجناس “كلكم لآدم وآدم من تراب قال حسان بن ثابت يوم أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أداء العمرة هو والصحابة رضوان الله عليهم، طالبا من كفار قريش أن يفتحوا الطريق أمام الرسول صلى الله عليه وسلم ليعتمر فعلها أنه صلى الله عليه وسلم جاء مسالما غير محارب
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا
وكان الفتح وانكشف الغطاء
والا فاصبروا لجلاء يوم
يعين الله فيه من يشاء
إنها دعوة صريحة من الشاعر المسلم لنبذ الحرب إلا إذا دعت الضرورة لذلك، فالمسلم ليس إنسان حرب كما تصوره الثقافات الأخرى.
والسلام لغة: البراءة والتحية، والسِّلم والسَّلم: الصلح يفتح ويكسر ويذكّر ويؤنّث ويكون السلم إبان الحروب وبعدها، قال الأعشى:
أذاقتهم الحرب أنفاسها |
وقد تُكرَه الحرب بعد السلم |
ولعلنا نتذكر في هذا المجال قول زهير بن أبي سلمى في الحرب، وبيان شدتها بقوله:
وما الحرب لإ ما علمتم وذقتم |
وما هو عنها بالحديث المرجم |
مـتى تبعثونها تبعثونها ذميمة |
وتضر إذا أضريتموها فتضرم |
ويستمر الشعراء في تنويع أساليب دعوتهم لتدمير الأسلحة والتخلص منها عن طريق إعادة تصنيعها وصياغتها بشكل نافع للناس، كما دعا الشعراء إلى حل الجيوش، وبينوا الأسس الكفيلة بتحقيق السلام وضمان استمراره، وهذا محمد الأسمر يقول في سينيته:
علامَ الحربُ؟ عيشُ السلمِ أحرى |
بـقـومٍ أهـلُ فـلسفة ودرْس |
أكـلّ وثـيـقـةٍ لـلسلم ليست | لـديـكم غيرَ نقسٍ فوقَ طرسِ |
فـحـرب تـنتهي لتجئ أخرى |
وتـعـيـسٌ مقبل في إثر تعس |
ولقد عبر الشاعر محمود غنيم عن هذه المعاني وغيرها متمنياً تحقيق السلام في العالم
لـيـت الممالكَ بعد طول كفاحٍ |
وقـفت حجافلها على الإصلاح |
لوأستْ عميقَ جراحها، إني أرى |
أكـبـادها تشكوا عميقَ جراح |
أو رمـت مدافعَها المبيدة جانباً | وتـسـلـحت من خلقها بسلاح |
وسادت الأخلاق ما انقلب الورى |
ذؤبـانَ فـتـكٍ أو كباشَ بطاح |
وغـررت بـالـعالمين مبادئٌ |
تـزرى بـإفك “مسيلم وسجاح |
مـن يَـبْـنِ ملكاً شامخاً لم يبنه |
بـشـواظ نيران وبيض صفاح |
يـا رب مـلـك أسـسـته قوة | عصفت به في الجو هوجُ رياح |
حلوا الجيوشَ فما بنا من حاجة |
إلا إلـى الـجيش من النصاح |
#صاحب_السمو_الشيخ_الدكتور_بن_محمد_القاسمي
#مهرجان_الشارقة_للشعر_العربي
#الدورة_18
#من_5_إلى_10_يناير_2020